نجتهد أن نقدم الإسلام منهج حياة، هذا المنهج الحياتي أرضيته إسلامية شرعية، منهجه وسطي، فالمسلم يده في الدنيا وقلبه مع الله، وتهتم أيضا بتقديم الحكم الشرعي مقترنا بالتزكية الروحية مساهمة في حل مشاكل الأمة ورغبة في تقديم الإسلام الصحيح السمح،كما تهتم بنشر القيم والمبادئ الإسلامية بين المسلمين وغير المسلمين؛ مع شحذ العقلية المعاصرة، والتي تستشرف المستقبل غير متخلية عن ثوابتنا الركينة لتفعيل النموذج الحضاري الإسلامي. وكتبه الفقير إلى ربه المعتز به دكتور/ محمد سـعدي
الاثنين، 16 يوليو 2012
الاثنين، 28 مايو 2012
التفحيط بالسيارات .. رؤية شريعة
: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: يقصد بالتفحيط هو ما يقوم به قائد السيارة من ألعاب بهلوانية بالسيارة، وقد ينتهي الأمر بأن يقوم قائد السيارة بقتل نفسه أو قتل غيره بسبب هذه الألعاب الخطرة التي يتعمدها، أو إصابة نفسه أو إصابة غيره، أو إحداث أضرار مادية بما يمتلكه هو أو ما يمتلكه الآخرون. والتفحيط من الأمور المحرمة شرعا، وذلك لما قد يترتب عليه من قتل للنفس وقد قال تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) أو قتل للغير بغير حقٍّ، وقد قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ). كما يحرم إلحاق الأذى بالنفس أو بالغير، قال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَىالتَّهْلُكَةِ) فإلقاء الأيدي إلى التهلكة يشمل كل ما فيه إهلاك للروح والدين، وكل ما يستوجب عذاب الله يوم القيامة. كما جاء في الحديث الذي أخرجه أخرجه الإمام مالك في الموطأ،والدارقطني،وصحَّحه الحاكم على شرط الإمام مسلم:" لا ضرر ولا ضرار". كما يحرم تعمد إتلاف السيارة وإلحاق الضرر بها، وذلك لأن السيارة نعمة من النعم التي أنعم الله بها على عباده قال تعالى: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) .
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه :
( التفحيط ظاهرة سيئة .. يقوم بارتكابها بعض الشباب الهابطين في تفكيرهم وسلوكهم .. نتيجة لقصورٍ في تربيتهم وتوجيههم ، وإهمالٍ من قبل أولياء أمورهم ، وهذا الفعل محرم شرعا، نظراً لما يترتب على ارتكابه من قتلٍ للأنفس وإتلافٍ للأموال وإزعاجٍ للآخرين وتعطيلٍ لحركة السير) .
والله أعلم.
* ملحوظة كان النشر الأول لهذه الفتوى في 19-فبراير 2007 على موقع إسلام أون لاين
الثلاثاء، 22 مايو 2012
يطاقات التخفيض رؤية شرعية
الاثنين، 21 مايو 2012
هل يفرق بين الرجل والمرأة في الإسلام؟

وهناك أحكام شرعية تختص بها المرأة نظرا لطبيعتها، وهذه التفرقة في الأحكام مردها الاختلاف الطبعي الذي أودعه الله في كل من الرجل والمرأة، وهذا الاختلاف بين الجنسين هو اختلاف تكامل فالمرأة تكمل الرجل، والرجل يكمل المرأة. فمن الأحكام التي خص بها الرجل النفقة لأن طبيعة الرجل الجسمانية تؤهله لأن يكون هو العائل لأسرته، ودليله من الكتاب قوله تعالى:لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
ودليل السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. ومن أجل أن النفقة واجبة عليه لا عليها كان حظه في الميراث في بعض الحالات أعلى من حقها قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء/11] وإن كانت بعض الحالات ترث المرأة فيه مثل الرجل وذلك مثل إذا توفى رجل وترك أماً و أباً و ابناً فإن الأم والأب كل منهما يأخذ السدس، وأحيانا ترث المرأة نصيبا أعلى من الرجل مثال ذلك إذا توفت المرأة و تركت زوجاً و بنتاً فإنَّ البنت ترث النصف و والدها يرث الربع فقط. ومما يختص به الرجل القوامة قال تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" [النساء/34] والآية ذكرت سبب كون القوامة للرجل ورجعته إلى سببين الأول وهبي مأخوذ من قوله تعالى:( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) فالله تعالى فضَّل الذكر على الأنثى والتفضيل سنة إلهية في الكون فقد فضَّل الله بعض الشهور على بعض، وفضل بعض الأيام على بعض، كما فضَّل بعض الملائكة على بعض، وفضَّل أيضا بعض المرسلين على بعض، قال تعالى:" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ" [البقرة/253]
وهناك فارق بين تفضيل الجنس وتفضيل جميع الأفراد، فالآية قد فضلت جنس الرجل على جنس المرأة، أما تفضيل جميع الرجال على النساء فلا فقد تفوق امرأة واحدة الرجال.
وقد تسبق فتاة الرجال في العلم والأدب والأخلاق. وفي هذا يقول المتنبي: فلو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجال .
أما السبب الثاني فهو كسبي، يعود إلى الرجل لأن الله أناط به الإنفاق على الأسرة، وهو المقصود من قوله تعالى:(وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) وقد قال تعالى أيضا: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة/228] ومن الأحكام التي يختص بها الرجل الولاية العامة، وإباحة الزواج بأكثر من واحدة حتى أربع نسوة، وأن الطلاق يكون بيده لا بيد المرأة، وأنه يباح له الزواج بكتابية، وأن يسافر منفردا وأن الجهاد قد كتب عليه لا عليها، وكل هذه الأمور عائدة إلى أن الله تعالى خلق الذكر قويا خشنا يتحمل، ومن الأحكام التي تناسب المرأة لرقتها إباحة الذهب والحرير لها بخلاف الرجل فإنه يحرم عليه لبس الذهب والحرير، وأن صلاتها في بيتها خير لها، ولما خلق الله عليه المرأة من الأنوثة أمرها بأن تغطي سائر جسدها عدا الوجه والكفين، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب/59] أماعورة الرجل فهي ما بين السرة إلى الركبة عورة، ومما تختص به المرأة من أحكام عائدة إلى أنوثتها أنها تترك الصلاة والصيام أيام عادتها الشهرية فتقضي أيام الصوم، ولا تقضي أيام الصلاة، ولحاجة جنينها لها وكذلك الرضيع أباح لها الشرع ترك الصوم إذا اقتضت الحاجة لمصلحة صغيرها، ولما أودعه الله قلب المرأة من حنان وعاطفة، وسيطرة العاطفة على جنس النساء كانت شهادتهن في الأموال نصف شهادة الرجل، وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى [البقرة/282]
ويذكر الشيخ محمد عبده السبب في ذلك قائلا:
المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية التي هي شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعني أن من طبع البشر ذكرانا وإناثا أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها ، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض نساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال المالية فإنه قليل لا يعول عليه ، والأحكام العامة إنما تناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها. اهـ وعلى هذا فيمكننا القول بأن الله أعطى كل جنس أحكامه الخاصة التي تليق به وبما أودعه الله فيه من طاقات وصدق من قال: "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك/14]
والله أعلم.
السبت، 12 مايو 2012
من ضوابط خروج المرأة للعمل
الأربعاء، 9 مايو 2012
بين الرفق والعقاب مسافات يقدرها الحكيم
السبت، 24 مارس 2012
مما يجب على الفقيه مراعاته

الْحَمْدُ لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ । والصلاة والسلام على السِّراج المنير صاحب لواء الحمد نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام । وبعد:
فإنَّ الناظر المتدبر للشريعة الإسلامية يجدُ أنَّها صالحة لكل زمان ومكان، وما من واقعة وقعت للناس إلا ولها في الشريعة حكمها، قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة/50] فمن خصائص هذه الشريعة شمولها لكل الأزمنة ولكل الأمكنة وجميع أحوال الناس، وبما أنَّ أحداث الزمان لا تنتهي، ووقائعه لا تقف عند حدٍّ معين؛ فإن دور الفقيه حينئذ هو الكشف عن الحكم الشرعي متصورا لمآلات الأفعال مستحضرا للواقع بكلِّ أبعاده، معتمدا على الأصول الفقهية والقواعد الفقهية والأصولية التي حرَّرها العلماء النحارير، فكل هذه الأمور تتضافر وتتساند في تصوير النظرة الفقهية الكُليَّة للمفتي لكي يستنبط الحكم الشرعي للنوازل الحادثة.
ومن الأمور التي يجب على الفقيه مراعاتها:
(أ) الضرورة والحاجة، فمن الأصول المقاصدية للشريعة الإسلامية أنها أتت برفع الحرج عن هذه الأمة المرحومة، قال تعالى:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)[المائدة/6] فالشريعة قد أتت برفع المشقة، وكان التيسير من أعظم مناهجها التي أتت به، فكلما ضاق الأمر اتسع، والضرورة تبيح المحظور، كما أنَّ الضرورة تُقدَّر بقدرها.
(ب) مراعاة الأعراف والتقاليد، ومراعاة الأماكن عند تنزيل الأحكام، فالمسلم الذي يعيش في البلاد الباردة تتغير أحكامه عن المسلم الذي يعيش في البلاد الحارة، فالمسلم الذي يعيش في البلاد الحارة له أن يعمل ـ على سبيل المثال ـ بسنة الإبراد، بِصلاة الظهر في شدّة الحرّ لحاجته إليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) رواه البخاري، ويتبع سنة الإبراد بالصلاة سنة الإبراد بالأذان أيضاً؛ لما في حديث أبي رضي الله عنه؛ فبيئات الناس تختلف، وهذا الاختلاف في الأنظمة على الفقيه أن يراعيه في تنزيل الأحكام الشرعية، فما يصلح لقوم من اجتهادات فقهية قد يكون الفساد بعينه إذا أخذه آخرون، والأخذ بالمصلحة ودرء المفسدة لا يتأتى إلا بمراعاة أحوال الناس وأعرافهم.
(ج) مراعاة الأزمنة، فمن المعروف أن الفتوى تتغير بتغير الزمان كما تتغير بتغير المكان، فما يصلح في زمن لا يصلح في زمن آخر، وخير مثال على هذا ضالة الإبل، حيث جاء سئل النبي صلى الله عليه وسلم. عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ، فقال صلى الله عليه وسلم.: مَا لَكَ وَلَهَا ؟ دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا. وقد استمر العمل بهذا النص في عهد سيدنا أبي بكر الصديق والفاروق عمر رضي الله عنهما، فلما أتى زمن سيدنا عثمان بن رضي الله عنه فإنه وجد ـ رضي الله عنه ـ أن المصلحة الشرعية تقضي بالنظر إلى مقصود الحديث وهو حفظ ضالة الإبل لصاحبه، فعمل بمقصود الحديث دون ظاهر نصه، فأمر بالتقاط ضالة الإبل وتعريفها، فإن لم يأت صاحبها باعها، واحتفظ له بثمنها. روى الإمام مالك في الموطأ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: كَانَتْ ضَوَالُّ الإِبِلِ فِى زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِبِلاً مُؤَبَّلَةً تَنَاتَجُ لاَ يَمَسُّهَا أَحَدٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا، ثُمَّ تُبَاعُ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أُعْطِىَ ثَمَنَهَا([1])।
وذلك لأنَّ سيدنا عثمان رضي الله عنه رأي الفساد قد دبَّ في نفوس الناس وخشي على ضالة الإبل من الضياع المبين. وفي صنيع سيدنا عثمان رضي الله عنه حفظ للمال، وهذا هو عين ما قصده الشارع الحكيم। وقد عقد ابن القيم فصلاً في كتابه (إعلام الموقعين) بعنوان:
فصل في تغيّر الفتوى، واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والبيئات والعوائد، ومما قاله في ذلك المقام:
(هذا فصلٌ عظيمُ النفع جدًا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم في الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه، ما يعلم أنَّ الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإنَّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل.. ومن أفتى الناس بمجرد المنقول من الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلّ وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم مِن جناية مَن طب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل، وهذا المفتي الجاهل أضر ما على أديان الناس وأبدانهم، والله المستعان)([2])
الجمعة، 23 مارس 2012
علاج الفتور بعد رمضان

ومن أسباب الفتور:
غياب ذلك الجو الروحاني الذي يكون في شهر رمضان، وعلاج هذا يكون بكثرة حضور مجالس العلم التي تحفها الملائكة، ومجالسة الصالحين الذين يذكر الله برؤية وجوههم قال تعالى:" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف/28]
ومن أسباب الفتور:
الإسراف في صنوف اللهو المباحة والانغماس في ملذات الدنيا، وعلاج هذا المواصلة في صنوف الطاعة التي تدرب عليها المرء في رمضان من صيام كصيام الست من شوال والثلاثة القمرية من كل شهر والاثنين والخميس وصوم عرفة وصوم عاشوراء إلخ والمداومة على قراءة القرآن وقيام الليل، واستشعار مراقبة الله التي تعود عليها في رمضان।
ومن أسباب الفتور:
خروج مردة الشياطين من محبسهم الذي دخلوه في أول رمضان ففي الحديث وتزيينهم للمعاصي وتثبيطهم عن الطاعات فقد روى البخاري بإسناده عن أبي هريرة - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ » وعلاج هذا يكمن في صدق اللجوء إلى الله والتحصن به سبحانه وتعالى والدخول تحت وصف العبودية لله تتعالى قال تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر/42] فمن تمحض لعبودية الله وأخلص العبادة لله سبحانه فإن الله يعصمه من الشيطان، وصدق الله تعالى عندما قال :إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (الإسراء:65) وليعلم المسلم أن الشيطان له عدو قال تعالى:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" [فاطر/6] ومن أسباب الفتور:
ضعف الهمة وعدم القدرة على مجاهدة النفس ، وعلاج هذا يكون بصدق التوكل على الله وليعلم المسلم أن الخير كله من الله :"وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" [النحل/53] وختاما على المسلم : أن يتسلح بسلاح الدعاء وعليه أن يدعو الله تعالى أن يعينه على العبادة والذكر والشكر، قال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ [الحجرات/7]
وقد علمنا الله في القرآن كيف كان يدعو أنبياء الله ويطلبون منه سبحانه وتعالى العون على العبادة وتيسيرها، فنبي الله إبراهيم دعا ربه قائلا:" رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ [إبراهيم/40] ونبي الله سليمان دعا بقوله: "وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل/19] وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيف تدعو قال صلى الله عليه وسلم" أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء ؟ قولوا : اللهم أعنا على شكرك و ذكرك و حسن عبادتك " . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة. وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّكَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ »صححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم
الخميس، 22 مارس 2012
راتب الزوجة ... لمن؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد أقر الإسلام للمرأة الكثير من الحقوق التي لم تكن تمتع بها بحرية قبل سطوع شمس الإسلام على الأرض، فقبل نزول الإسلام ـ على سبيل المثال ـ كانت المرأة محرومة من الإرث، بل كان ينظر إليها على أنها متاع تركه الزوج، فتدخل هي في الأشياء التي تقسم على الورثة، ومنع المرأة من الميراث ساد في الأعراف الجاهلية قبل الإسلام، فاليهود على سبيل المثال لا يورثون المرأة، والمرأة في الجاهلية الأولى لم تكن ترث شيئا في بعض قبائل العرب، أتى الإسلام والحال هذه والفوضى تعم الأرض، والأعراف الفاسدة التي تظلم المرأة وغيرها سائدة منتشرة بين الناس فحارب الإسلام هذه الأعراف الفاسدة، وأعاد للمرأة مكانتها، وإن كانت المرأة لاقت تمييزا خارج الإسلام فالمرأة المسلمة لاقت تميزا، فالمرأة لها حق طلب الطلاق في الإسلام كما لها أن تختلع من زوجها إن رفض الطلاق، ولها ذمتها المالية المستقلة، ولها الحق في البيع والشراء ولها الحق في التملك وجميع ألوان التصرف من هبة وهدية ووصية، ووقف.إلخ ولها الحق في التعلم والتعليم.
وعلى ضوء هذا فللمرأة ذمتها المالية المستقلة التي تستطيع من خلالها أن تباشر حقها في إدارة مالها على الوجه الذي ترضاه، وما تتقاضاه الزوجة من راتب نظير عملها هو من حقها هي لا سلطان لأحد عليه إلا المرأة ولها حق التملك والتصرف فيه في أوجه الحلال كتجارة وغيرها، ولها أن تنفق منه على أهلها، ما دامت ملتزمة بشروط الإنفاق العامة مثلها مثل الرجل سواء بسواء.
أما عن حق الرجل في راتب زوجته، فإن للزوجة ذمتها المالية المستقلة التي تمنع غيرها من التسلط على مالها فلا يجوز له أن يتسلط على مال امرأته دون رضاها، فإن فعل هذا يكون قد أكل أموال الناس بالباطل، والحق سبحانه وتعالى يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (البقرة: من الآية188) وفي الحديث الذي أخرجه الدارقطني: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه"ليس له أن يأخذ من مال زوجته شيئا دون رضاها، وليس لها أن تجبر على أن تنفق في البيت، والزوج إن كان منفقا على زوجته بالمعروف فله إما أن يسمح لها بالعمل دون أن يأخذ منها شيئا، وإما أن يمنعها من العمل ولا يأذن لها بالخروج للعمل ما دام موسرا لأنه من المعلوم أن نفقة البيت ونفقة الزوجة والأولاد كلها تقع على عاتق الرجل وليس على المرأة. أما إذا أعسر الزوج بالنفقة أو امتنع عن النفقة عليها ففي هذه الحالة لها أن تخرج لكي تبحث عن نفقتها.
أما إذا اشترط الرجل قبل الزواج على المرأة أن يسمح لها بالعمل نظير أن تساعده بشيء في نفقة البيت ورضيت المرأة والتزمت بهذا قبل الزواج فإنه يجب عليها أن تلتزم بالشرط الذي قبلته على نفسها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم؛ إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه أصحاب السنن.
أما عن مشاركة المرأة لزوجها بمالها فإن هذا يعود إليها دون أن تجبر على هذا، علما أنه أما إن رضيت المرأة بأن تدفع شيئا لزوجها دون إكراه أو ضغط فهذا لها، وقال تعالى: "وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء/4]
وخير الصدقة هي الصدقة على الزوج والولد، ويشهد لهذا حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري في صحيحه البخاري أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت يا نبي الله : إنك أمرت اليوم بالصدقة ، وكان عندي حلي لي ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم "
وقال صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة" رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
فالمرأة يندب لها أن تشارك زوجها وأولادها في مالها ويكون لها هذا العمل من أرجى أعمالها الصالحة أمام الله تعالى.
والله أعلم।