الثلاثاء، 22 مايو 2012

يطاقات التخفيض رؤية شرعية


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فبطاقة التخفيض مدفوعة الثمن هي بطاقة يشتريها العميل لكي يتمتع بخصم محدد من أسعار السلع أو الخدمات التي يشتريها، وفي واقعة السؤال نجد أنها بطاقة ثنائية أي بين المتجر والعميل، وهدف هذه البطاقة إيجاد رغبة الشراء عند العميل، وأيضا تحصيل عائد مادي متمثل في قيمة البطاقة التي اشتراها العميل. ومن فوائدها للمتجر أيضا استقطاب عملاء جدد، ودعم العلاقات التجارية بين مقدم البطاقة والمستفيد منها، أما بالنسبة للعميل فإنها ستوفر له السلعة بثمن منخفض، وهذا من المقاصد المعتبرة في العملية الشرائية.
وبطاقة التخفيض مدفوعة الثمن لم تسلم من المحاذير الشرعية التي تقضي بحرمة التعامل بها، ومن هذه المحاذير الشرعية:
المخاطرة: فمن يشتري البطاقة لا يدري حاله هل هو من أصحاب الغنم أو من أهل الغرم؟ فقد يستفيد بالبطاقة ويحصل على كل التخفيضات المقررة عليها فيكون من أهل الغنم، وقد يفوته شيء فيكون من أهل الغرم، وتتفاوت حاله بين الغنم والغرم على قدر انتفاعه من البطاقة، وهذا عين ميسر القمار، وَالتَّمْلِيكَاتُ لاَ تَحْتَمِل هذه المعاملة ، لأَِدَائِهِا إِلَى مَعْنَى الْقِمَارِ، وسمي القمار قمارا لأنَّ كلَّ واحد من المقامرين يجوز أن يذهب ماله لصاحبه ويجوز أن يأخذ مال صاحبه، وقد حرمته الشريعة الغراء، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة/90]
الغرر : حيث إن المستفيد من هذه البطاقة قد قام بشراء البطاقة بغية الحصول على تخفيض في ثمن السلع التي سيقوم بشرائها في المستقبل أو في ثمن الخدمات، وقيمة التخفيض مجهولة، فمصدر البطاقة ومن اشتراها كلاهما لا يعلم مقدار الخصم الذي سيقدمه هذا إلى ذاك، وقد يحدث أن يمنع مانع صاحب البطاقة من الشراء، وقد يشتري شيئا قليلا أو كثيرا، فهنا جهل تام بعين المبيع، إذ لا يعلم حقيقة قدر ما سيشتريه صاحب البطاقة وقدر ما سيبيعه مقدّم البطاقة فهذا كله يجعل المعاملة فاسدة لما فيها من الغرر والجهل، وقد أتت الشريعة بتحريم الغرر في عقود المعاوضات، فقد جاء في حديث مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-َعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
أكل أموال الناس بالباطل: فإن مقدم الخدمة قد جنى مالا دون أن يقدم سلعة أو خدمة لهذا المال الذي أخذه، فمن اشترى البطاقة قدّم ثمنا دون أن يأخذ مثمنا، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"  [النساء/29] وقد يقع مشتري البطاقة في الإسراف المنهي عنه شرعا وذلك عندما يضطر لشراء أي سلع لا يريدها حتى لا تضيع عليه البطاقة.
وقد انتهى المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، في دورته الثامنة عشرة إلى قرار بتحريم التعامل بهذه البطاقات ، ومما جاء فيه : " بعد الاستماع إلى الأبْحاثِ المقدَّمة في الموضوع والمناقشات المستفيضة قرَّر : أولاً: عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها إذا كانت مقابل ثمن مقطوع أو اشتراك سنوي؛ لما فيها من الغرر؛ فإن مشتري البطاقة يدفع مالاً ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك؛ فالغرم فيها متحقق يقابله غنم محتمل، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه.
ثانياً: إذا كانت بطاقات التخفيض تصدر بالمجان من غير مقابل، فإن إصدارها وقبولها جائز شرعاً؛ لأنه من باب الوعد بالتبرع أو الهبة. ا.هـ
الخلاصة:
أن بطاقة التخفيض مدفوعة الثمن يحرم التعامل بها، أما بطاقة التخفيض المجانية فلا حرج من التعامل بها.
والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: