
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد أقر الإسلام للمرأة الكثير من الحقوق التي لم تكن تمتع بها بحرية قبل سطوع شمس الإسلام على الأرض، فقبل نزول الإسلام ـ على سبيل المثال ـ كانت المرأة محرومة من الإرث، بل كان ينظر إليها على أنها متاع تركه الزوج، فتدخل هي في الأشياء التي تقسم على الورثة، ومنع المرأة من الميراث ساد في الأعراف الجاهلية قبل الإسلام، فاليهود على سبيل المثال لا يورثون المرأة، والمرأة في الجاهلية الأولى لم تكن ترث شيئا في بعض قبائل العرب، أتى الإسلام والحال هذه والفوضى تعم الأرض، والأعراف الفاسدة التي تظلم المرأة وغيرها سائدة منتشرة بين الناس فحارب الإسلام هذه الأعراف الفاسدة، وأعاد للمرأة مكانتها، وإن كانت المرأة لاقت تمييزا خارج الإسلام فالمرأة المسلمة لاقت تميزا، فالمرأة لها حق طلب الطلاق في الإسلام كما لها أن تختلع من زوجها إن رفض الطلاق، ولها ذمتها المالية المستقلة، ولها الحق في البيع والشراء ولها الحق في التملك وجميع ألوان التصرف من هبة وهدية ووصية، ووقف.إلخ ولها الحق في التعلم والتعليم.
وعلى ضوء هذا فللمرأة ذمتها المالية المستقلة التي تستطيع من خلالها أن تباشر حقها في إدارة مالها على الوجه الذي ترضاه، وما تتقاضاه الزوجة من راتب نظير عملها هو من حقها هي لا سلطان لأحد عليه إلا المرأة ولها حق التملك والتصرف فيه في أوجه الحلال كتجارة وغيرها، ولها أن تنفق منه على أهلها، ما دامت ملتزمة بشروط الإنفاق العامة مثلها مثل الرجل سواء بسواء.
أما عن حق الرجل في راتب زوجته، فإن للزوجة ذمتها المالية المستقلة التي تمنع غيرها من التسلط على مالها فلا يجوز له أن يتسلط على مال امرأته دون رضاها، فإن فعل هذا يكون قد أكل أموال الناس بالباطل، والحق سبحانه وتعالى يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (البقرة: من الآية188) وفي الحديث الذي أخرجه الدارقطني: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه"ليس له أن يأخذ من مال زوجته شيئا دون رضاها، وليس لها أن تجبر على أن تنفق في البيت، والزوج إن كان منفقا على زوجته بالمعروف فله إما أن يسمح لها بالعمل دون أن يأخذ منها شيئا، وإما أن يمنعها من العمل ولا يأذن لها بالخروج للعمل ما دام موسرا لأنه من المعلوم أن نفقة البيت ونفقة الزوجة والأولاد كلها تقع على عاتق الرجل وليس على المرأة. أما إذا أعسر الزوج بالنفقة أو امتنع عن النفقة عليها ففي هذه الحالة لها أن تخرج لكي تبحث عن نفقتها.
أما إذا اشترط الرجل قبل الزواج على المرأة أن يسمح لها بالعمل نظير أن تساعده بشيء في نفقة البيت ورضيت المرأة والتزمت بهذا قبل الزواج فإنه يجب عليها أن تلتزم بالشرط الذي قبلته على نفسها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم؛ إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه أصحاب السنن.
أما عن مشاركة المرأة لزوجها بمالها فإن هذا يعود إليها دون أن تجبر على هذا، علما أنه أما إن رضيت المرأة بأن تدفع شيئا لزوجها دون إكراه أو ضغط فهذا لها، وقال تعالى: "وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء/4]
وخير الصدقة هي الصدقة على الزوج والولد، ويشهد لهذا حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري في صحيحه البخاري أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت يا نبي الله : إنك أمرت اليوم بالصدقة ، وكان عندي حلي لي ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم "
وقال صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة" رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
فالمرأة يندب لها أن تشارك زوجها وأولادها في مالها ويكون لها هذا العمل من أرجى أعمالها الصالحة أمام الله تعالى.
والله أعلم।
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق