الجمعة، 26 أبريل 2013

ماذا نريد من المفتي الجديد؟




بسم الله الرحمن الرحيم
*بداية نستمطر سحائب رضوان الله تعالى على الرجال الذين تقلدوا منصب المفتي فما بدلوا وما غيروا ولم يخشوا في الله لومة لائم، ثم نهنأ المفتي الجديد بتقلده هذه المنصب، ونحن إذ نقدم إليه هذه التهاني والتبريكات بنيله ثقة هيئة كبار العلماء لنذكره بأهمية المسؤولية الملقاة على كاهله وذلك ببذل كل ما في وسعه لأن الناس ينظرون منك الخير الكثير، والآمال معقودة عليه إذ أنه أول مفت قد اختير عن طريق الاقتراع بين العلماء.
* أيها الشيخ الجليل نريد منك الفتوى الوسطية التي توازن بين الثوابت والمتغيرات فلا إفراط ولا تفريط، فالناس في حاجة إلى تبني منهج التيسير والاعتدال في الفتاوى، فالمفتي الحق هو من وسَّع على الناس ما ضاق عليهم دون مساس بالثوابت، وهناك كلمة لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ يقول فيها: ألا أخبركم بالفقيه كل الفقيه؟ من لم يوئس الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ألا لا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في فقه لا ورع فيه، ولا قراءة ولا تدبر فيها .
* نريد منك ألا تقحم ثوابت الدين في خضم الاختلافات الحزبية، والصراعات المذهبية التي تفرِّق الناس وتشرذمهم ولا تجمعهم، والاتحاد في ديننا واجب، فمن واجبكم السعي الجاد ماديا ومعنويا لتحقيق الوحدة، التي هي فريضة شرعية، وضرورة ملحة لقوة أمتنا.
* نريد منك تفعيلا لدور المفتي ودار الإفتاء في المجتمع، حتى تحقق الفاعلية المجتمعية، والريادة الحضارية، وسبيل هذا الاطلاع على المستجدات في جميع النواحي سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ودراسة النوازل الفقهية واستنباط الحكم الشرعي المناسب لها عن طريق الموائمة بين فقه الدين وفقه الحياة.
* نريد منك ألا تنتظر المستفتي لكي تبين الحكم الشرعي، ولكن واجبك يحتم عليك هو تبيين الحكم الشرعي للناس سواء سئلت عنه أم لم تسئل عنه، لأن المفتي كما قال سادتنا من أهل العلم قائم مقام النبي، فهو نائب عن النبي في تبليغ أحكام شريعته لأتباع ديانته، وأنهم يبلغون الحق ولا يخشون في الحق لومة لائم، قال تعالى: " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا" [الأحزاب/39]
* نريد منك أن تكون مفتيا يلتف حوله الجميع، يصلح بين طوائف المجتمع وأحزابه. متصديا للعنف الذي أخذ يطل برأسه يمزق أواصر المجتمع، وذلك عن طريق الاعتصام بالكتاب والسنة فهذا هو سبيل النجاة من المناهج والأفكار الهادمة.

*نريد منك أن تحافظ على هيبة دار الإفتاء وعلى هيبة المفتي في قلوب العباد، وهذا لا يتأتى إلا بالتجرد لله، وعدم الخوف إلا منه سبحانه. والاستقامة على منهج الله والتحرر من الضغوط التي من شأنه أن تفسد العملية الإفتائية وتعكر صفوها، سواء أكانت هذه الضغوط ضغوطا سياسية أو ضغوط مجتمعية فهذا كله من الهوى الذي حرم الله اتباعه، قال تعالى:" ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ  إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.."  [الجاثية/18، 19]

*نريد منك التراجع عن الخطأ إذا كان، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والحق قديم. والمجتهد لا يخلو حاله من أمرين وهو في كلٍّ مأجور مادام قد سلمت النية.
*نريد منك إصدار ميثاق شرف للإفتاء في الفضائيات، وجمع أهل العلم عليه، حتى تقضي على ظاهرة تضارب الفتاوى، أو الخطأ فيها.
نسأل الله أن يعينك على حمل الأمانة ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

ليست هناك تعليقات: