الجمعة، 26 أبريل 2013

من أثر الصلاة في إصلاح حياتنا الاجتماعية والسياسية.

بسم الله الرحمن الرحيم 

في هذه الأيام التي تمر بها بلادنا الحبيبة ما أحوجنا إلى العودة إلى الله تعالى، قارئين لكتابه متدبرين لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لنعلم ما الذي يخرجنا من ورطات الأمور، وهالني ما يلاقيه من يجتهد في إقامة الصلاة حيث ينادى بهن، ولا سيما من كان من أهل المشي في الظلم ملتمسا نور الله يوم القيامة من استهزاء المستهزئين، وسخرية الساخرين.

  والصلاة لها جانب روحي فهي مما تفرج بها الهموم، وقد أرشدنا الله تعالى أنه عندما تشتد الأمور فعلى المسلم أن يفزع إلى الله ويفر إليه، وأن يستعين بالصلاة، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" [البقرة/153] ، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم: ولقد كان من عظيم شأنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى . رواه أبو داود.  وهناك حلول مادية أودعها الله في الصلاة يُصلح بها حال الإنسان والمجتمع، لأنَّ الصلاة مدرسة يتربى فيها المسلم على مكارم الأخلاق، ونحن إذا فقهنا الدروس التي في الصلاة وطبقناها في حياتنا لوجدنا فيها حلولا للمشاكل التي نعيشها، ففي الجانب السياسي تعلمنا الصلاة كيف نسوسُ الناس، وكيف نُساسُ، فالناس يختارون إمامهم الذي يرتضونه إماما في صلاتهم لربهم، فإذا اختاروه لم يكن لأحدهم أن يساويه في حركات الصلاة، كما يحرم عليه أن يسبقه في حركات الصلاة، فإن مساواة الإمام مكروهة وسبقه حرام، ففي الحديث المتفق عليه: أنه صلى الله عليه وسلم قال:" إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا"، والصلاة تعلمنا كيف يكون التكامل الإنساني فالمسلم يصلي في جماعة، وهذه الجماعة يجب أن  تكون صفوفها متساوية في الصلاة وعليهم أن يسدوا الخلل، وكان الثابت عنه أنه كان يأمر بتسوية الصفوف فيقول:"استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ". رواه مسلم. والمصلي إذا وجد فرجة في الصف فإنه لا يكون سلبيا بل عليه أن يتخذ إجراء إيجابيا بسدِّ هذه الفرجة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة. كما أخرجه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله. وفي الجانب الاجتماعي تعلمنا الصلاة احترام حقوق الآخرين، فمن يسبق إلى الصف الأول ليس لأحد أن يؤخره عنه، ومن كان أقرأ لكتاب الله فهو المقدم.
       والصلاة تعلم المسلم الالتزام والدقة والانضباط لأنَّ الواجب في الصلاة واجبان: واجب الصلاة نفسها وواجب أدائها في وقتها الذي فرض الله تعالى وبين رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالذي يصلي الصلاة في غير وقتها يكون قد أدى واجبا واحدا وترك الآخر، ويأثم بإجماع المسلمين إن ترك الصلاة حتى ينقضي وقتها دون عذر. وليس لأحد أن يقدمها أو يؤخرها عن وقتها، وليس لأحد أن يزيد في أركانها شيئا ولا أن ينقص شيئا فهي تعلمنا كيف يكون الانضباط والالتزام. وهناك ابتلاءات على المصلي أن يقاومها في الصلاة، وأشق صلاة على
ومن هذه الابتلاءات استهزاء المستهزئين ممن ختم الله على قلوبهم وأعمى أبصارهم، وقد قال تعالى عن هذا:"وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ  [المائدة/58] فمن لم يعظِّم شعائر الله ولم تسكن تقوى الله في قلبه فإنه يتخذ من الصلاة مادة للاستهزاء، وهؤلاء المستهزئون قد وصفهم الله تعالى بالجنون لأنهم لا عقل لديهم يميز بين صالح الأشياء وفاسدها، وكما قال الرازي: "لو كان لهم عقل كامل لعلموا أن تعظيم الخالق المنعم وخدمته مقرونة بغاية التعظيم لا يكون هزواً ولعباً، بل هو أحسن أعمال العباد وأشرف أفعالهم، ولذلك قال بعض الحكماء : أشرف الحركات الصلاة، وأنفع السكنات الصيام."
والمسلم إذا استشعر هذا في صلاته فإنه يزكي نفسه وتسمو أخلاقه ويصلح حاله، ويعينه الله تعالى، وصدق الله تعالى: "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"
والله أعلم.


ليست هناك تعليقات: