الخميس، 25 نوفمبر 2010

حكم بيع شعر الآدمي .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فعلماء المذاهب الأربعة على حرمة بيع شعر الآدمي وعلى حرمة الانتفاع به وذلك لأن بيعه فيه امتهان لحرمة الإنسان وكرامته؛ وأيضا يحرم الانتفاع بالشعر الآدمي لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة. رواه البخاريوعن حرمة بيع شعر الآدمي جاء في "العناية شرح الهداية" في الفقه الحنفي: ولا يجوز بيع شعور الإنسان، ولا الانتفاع بها؛ لأن الآدمي مكرم لا مبتذل، فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهانًا ومبتذلاً.


وجاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق من كتب الحنفية:قَالَ ( وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَعْرِ الْإِنْسَانِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُزْؤُهُ مُهَانًا، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ }، وَإِنَّمَا لُعِنَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إهَانَةِ الْمُكَرَّمِ.

وقال العدوي المالكي في حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي : تنبيه: سئل مالك عن بيع الشعر الذي يحلق من رؤوس الناس؟ فكرهه.
وقال النووي في المجموع - وهو من كتب الشافعية -: ما لا يجوز بيعه متصلاً لا يجوز بيعه منفصلاً، كشعر الآدمي.
وقال البهوتي في "كشاف القناع" - وهو من كتب الحنابلة -: ولا يجوز استعمال شعر الآدمي مع الحكم بطهارته لحرمته، أي احترامه. اهـ

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:اتّفق الفقهاء على عدم جواز الانتفاع بشعر الآدميّ بيعاً واستعمالاً، لأنّ الآدميّ مكرّم لقوله سبحانه وتعالى : « وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ » .
فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهاناً مبتذلاً . أهـ

وعن حرمة استعمال الشعر الآدمي والانتفاع به لأنه يدخل في الوصل المنهي عنه يقول الدكتور /محمد نعيم ياسين -رئيس قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية- كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- جامعة الكويت في بحث له بعنوان بيع الأعضاء الآدمية:[بتصرف]هذا ولا بد من الإشارة إلى أن بعض أجزاء الآدمي لا يجوز بيعها بحال من الأحوال، لورود نص خاص في النهي عن استعمالها، أو لتنافيها مع مبدأ شرعي آخر غير ما ذكر، ومن ذلك :
بيع الشعر الآدمي وشراؤه لوصله بشعر المشتري ؛ فقد ورد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : جاءت امرأة إلى النبي r فقالت : يا رسول الله، إن لي ابنة عريسا، أصابتها حصبة فتمرق شعرها، أفأصله ؟ فقال: " لعن الله الواصلة والمستوصلة .


وأغلب الظن أن حكمة النهي عن ذلك ليست هي ما ذهب إليه بعض علماء الحنفية من تنافيه مع ما جعل لابن آدم من تشريف وتكريم، وإنما لما فيه من تزوير بتزين المرء بما ليس فيه، وهذا منهي عنه، فقد قال الرسول r ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، ومعناه المتكثر بما ليس عنده، بأن يظهر أن عنده ما ليس له يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل، فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور .


ويؤيد هذا المعنى ما صح عن رسول الله r أنه زجر عن أن تصل المرأة برأسها شيئا، فشمل بهذا الزجر كل شيء تصله بشعرها وإن لم يكن شعر آدمي، ما دام بظهرها بمظهر ليس فيها .
ومن ذلك أيضا بيع مني الرجل، فلا شك في حرمته وبطلانه ؛ لأن استعماله بعد البيع فيما خلق له من طلب النسل يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وهو حرام بلا خلاف .

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: