الاثنين، 22 نوفمبر 2010

حق الزوجة في سكن مستقل


سألتني إحدى النساء قائلة ما حكم الشرع في إني أريد منزلا منفصلا عن أهل زوجي وخاصة أن زوجى وعدني بذلك قبل الزواج؟
فكان مما أجبتها به قولي:
بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الأخت الفاضلة : الجواب هذا السؤال له شقان شق شرعي، وشق اجتماعي، فمن حقك شرعا على زوجك أن يسكنك في بيت مستقل دون أن يشرك معك أحدا من أهله أو أقاربه رجالا أو نساء، وحجاب الزوجة في مسكن العائلة عند وجود إخوة الزوج الأجانب عن المرأة فيه قيد شديد على المرأة، وربما حدث من أثر الاحتكاك اليومي مشكلات تؤدي إلى الشقاق.
فعليك أن تصارحي زوجك بذلك، واشرحي له كيف أن الزوجة تحب أن تلبس لزوجها وأن تعيش معه في بيت الزوجية دون أن تتكلف أعباء زائدة عليها مثل التزام الحجاب طيلة الوقت، واجتنابها في الوقوع في الخلوة المحرمة،
وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول أقارب الزوج الأجانب على الزوجة ففي الحديث المتفق عليه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " . والحمو : قريب الزوج الذي ليس محرما للزوجة .
وأعلميه أن هذا حقك شرعا لقول الحق سبحانه وتعالى:" أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ " [الطلاق/6].
وعلى الزوج أن يوفر لزوجه هذا المسكن ، بحسب ما يتناسب مع حالها في حدود قدرته المالية.
أما الجانب الاجتماعي فيتمثل في كيفية حصولك على هذا الحق الشرعي، وهذا يستلزم منك دراسة هذه المشكلة حتى تجدين حلا لها ولن يتأتى هذا الحال إلا إذا تفهَّم زوجك أن هذا حقك وأنه عليه أن يجيبك إلى هذا الطلب، وإذا كان يخشى إغضاب أهله فبإمكانه أن يعتذر إليهم بأنك أنت التي لا تريدين ذلك، وأنك متمسكة بحقك الشرعي في استقلالك بمنزل مستقل، فغضب أهله عليك منك أخف من غضبهم على ولدهم. كما يمكنك أن توسطي بينك وبينهم أهل العلم والفضل والعقل.

وعليك أن تتلطفي مع زوجك لكي تحصلي منه على حقك الشرعي في مسكن مستقل، وغياب الحنكة وعدم التلطف في مثل هذه الأمور قد يحدث شرخا في بنيان الأسرة ـ نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع بينكما في خير.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
السكنى للزوجة على زوجها واجبة, وهذا الحكم متفق عليه بين الفقهاء, لأن الله تعالى جعل للمطلقة الرجعية السكنى على زوجها. قال تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } فوجوب السكنى للتي هي في صلب النكاح أولى. ولأن الله تعالى أوجب المعاشرة بين الأزواج بالمعروف قال تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } ومن المعروف المأمور به أن يسكنها في مسكن تأمن فيه على نفسها ومالها, كما أن الزوجة لا تستغني عن المسكن; للاستتار عن العيون والاستمتاع وحفظ المتاع. فلذلك كانت السكنى حقا لها على زوجها, وهو حق ثابت بإجماع أهل العلم.

فالجمع بين الأبوين والزوجة في مسكن واحد لا يجوز - وكذا غيرهما من الأقارب - ولذلك يكون للزوجة الامتناع عن السكنى مع واحد منهما; لأن الانفراد بمسكن تأمن فيه على نفسها ومالها حقها, وليس لأحد جبرها على ذلك. وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة. وذهب المالكية إلى التفريق بين الزوجة الشريفة والوضيعة, وقالوا بعدم جواز الجمع بين الزوجة الشريفة والوالدين, وبجواز ذلك مع الزوجة الوضيعة, إلا إذا كان في الجمع بين الوضيعة والوالدين ضرر عليها. وإذا اشترط الزوج على زوجته السكنى مع الأبوين, فسكنت ثم طلبت الانفراد بمسكن فليس لها ذلك عند المالكية, إلا إذا أثبتت الضرر من السكن مع الوالدين. وقال الحنابلة: إن كان عاجزا لا يلزمه إجابة طلبها, وإن كان قادرا يلزمه. وقيل لا يلزمه غير ما شرطته عليه.
أهـ
وقال ابن قدامة في المغني:
ويجب لها مسكن بدليل قوله سبحانه وتعالى { أسكنوهن … } ، فإذا وجبت السكنى للمطلَّقة فللتي في صلب النكاح أولى ، قال الله تعالى { وعاشروهن بالمعروف .
ومن المعروف أن يسكنها في مسكن ، ولأنها لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون ، وفي التصرف والاستمتاع وحفظ المتاع.
والله أعلم .

ليست هناك تعليقات: