
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة تنهى عن سفر المرأة بلا محرم، وقد أخذ جمهور العلماء من هذه الأحاديث أن الأصل في سفر المرأة بدون مَحرم هو الحرمة.
من هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ».
ومنها ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ عَلَيْهَا ».
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :« لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا ».
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ يَقُولُ: « لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ ». فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِى خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّى اكْتُتِبْتُ فِى غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: « انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ».
وقد أخذ العلماء من هذه الأحاديث وغيرها أنَّ الأصل هو حرمة سفر المرأة دون محرم للأحاديث الكثيرة في النهي عن ذلك.
وقد اختلف العلماء في المرأة تحتاج للسفر بلا محرم هل يمكنها السفر أم لا؟
فتمسك كثير من العلماء بحرمة سفرها دون محرم أو زوج، بل وذهب الإمام النووي – رحمه الله- إلى عدم تحديد ذلك السفر بمسافة معينة، فكل ما يطلق عليه أنه سفر يحرم على المرأة أن تسافره دون محرم أو زوج.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
[ولم يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أنَّ كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم….لرواية ابن عباس المطْلَقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.]
وهناك من العلماء من استثنى صنوفا من النساء أجاز لهن السفر بلا محرم، وهناك من لم يستثن، فقد استثنى المالكية المرأةَ العجوز التي لا تُشتهى، وكذلك سفر المرأة لحج الفريضة في رفقة مأمونة.
جاء في موطأ الإمام مالك:
قَالَ مَالِكٌ فِى الصَّرُورَةِ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِى لَمْ تَحُجَّ قَطُّ: إِنَّهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا أَنَّهَا لاَ تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِى الْحَجِّ لِتَخْرُجْ فِى جَمَاعَةِ النِّسَاءِ.
والإمام مالك روى في موطئه حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ مِنْهَا ».
والإمام مالك إنما أباح سفر المرأة دون محرم في السفر الواجب على المرأة كالحج دون غيره من السفر المباح والمندوب، وحمل أحاديث نهي المرأة عن السفر دون محرم على السفر المباح أو المندوب، أما السفر الواجب فلا يشترط فيه وجود المحرم.
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل ـ من كتب المالكية :
وحمل مالك - رحمه الله - الحديث المتقدم على السفر المباح والمندوب إليه دون الواجب، بدليل إجماعهم على أن المرأة إذا أسلمت في بلد الحرب لزمها الخروج منها إلى بلد الإسلام، وإن لم يكن معها ذو محرم، خلافا لأهل العراق في قولهم : إنَّ فرض الحج يسقط عنها بعدم المحرم .
وقول مالك أصح ؛ لأنه يخصص من عموم الحديث الهجرة من بلد الحرب بالإجماع وحج الفريضة بالقياس على الإجماع، وقال التلمساني في شرح جامع الجلاب، وأما سفر الحج فإنها تسافر مع جماعة النساء إذا لم يكن لها محرم.
قال الأبهري : لأنها لو أسلمت في دار الحرب لوجب عليها أن تخرج من غير ذي محرم إلى دار الإسلام، وكذا إذا أسرت وأمكنها أن تهرب منهم يلزمها أن تخرج من غير ذي محرم، فكذلك يلزمها أن تؤدي كل فرض عليها إذا لم يكن لها ذو محرم من حج أو غيره. انتهى
قال الحافظ في الفتح:
قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت وزاد غيره أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة. انتهى
وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله سره -جواز سفر المرأة دون محرم عند توافر الأمن جاء في الفتاوى الكبرى :
وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم، قال أبو العباس : وهذا متوجه في سفر كل طاعة. انتهى
وقال ابن مفلح رحمه الله في : "الفروع" من كتب الحنابلة :
" وعند شيخنـا ـ أي : ابن تيمية ـ : تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم . وقال : إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة ، كذا قال ـ رحمه الله ـ " أ.هـ
ومن الأحاديث التي يعتمد عليها من أجاز خروج المرأة دون محرم عند وجود الأمن ما رواه البخاري بسنده من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال:أَذِنَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لأَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا ، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ . أ.هـ
فمن أباح السفر أخذ من هذا الحديث أن الصاحبين الجليلين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما لم يكونا محرمين لأمهات المؤمنين، وقد سافر الصحابيان الجليلان بهنَّ من غير نكير من باقي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا مانع من سفر المرأة مع نسوة ثقات أو وجود الأمن .
قال الحافظ في فتح الباري:
ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق أول أحاديث الباب[1] لاتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك. أ.هـ
ومن منع سفر المرأة بدون محرم قال: إن هذا كان خصوصية لأمهات المؤمنين، وبهذا أجاب أبو حنيفة في المسألة.
قال العيني في عمدة القاري:
جواب أبي حنيفة لحكام الرازي فإنه قال: سألت أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه هل تسافر المرأة بغير محرم؟ فقال: لا. نهى رسول الله أن تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها.
قال حكام: فسألت العرزمي، فقال: لا بأس بذلك حدثني عطاء أن عائشة كانت تسافر بلا محرم فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته بذلك، فقال أبو حنيفة: لم يدر العرزمي ما روى، كان الناس لعائشة محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم، وليس الناس لغيرها من النساء كذلك.
ولقد أحسن أبو حنيفة في جوابه هذا؛ لأن أزواج النبي كلهن أمهات المؤمنين وهم محارم لهن؛ لأن المحرم من لا يجوز له نكاحها على التأييد، فكذلك أمهات المؤمنين حرام على غير النبي إلى يوم القيامة. أ.هـ
ومحرم المرأة المؤبد يجوز له أن يرى من المرأة ما يظهر عند المهنة غالبا كاليدين والساقين، وهذا لا يجوز في حق أمهات المؤمنين، فهن أمهات في جانب، وأجنبيات في وجه آخر، فمحرمية النكاح على التأبيد في حقِّ أمهات المؤمنين تخالفها في غيرها من نساء الأمة، وتحريم نكاح أمهات المؤمنين مأخوذ من قول الحق سبحانه وتعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" [الأحزاب/6]
فأمهات المؤمنين ورد تشبيههن بالأم الحقيقية في أوجه دون أوجه أخرى.
فقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة تنهى عن سفر المرأة بلا محرم، وقد أخذ جمهور العلماء من هذه الأحاديث أن الأصل في سفر المرأة بدون مَحرم هو الحرمة.
من هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ».
ومنها ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ عَلَيْهَا ».
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :« لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا ».
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ يَقُولُ: « لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ ». فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِى خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّى اكْتُتِبْتُ فِى غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: « انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ».
وقد أخذ العلماء من هذه الأحاديث وغيرها أنَّ الأصل هو حرمة سفر المرأة دون محرم للأحاديث الكثيرة في النهي عن ذلك.
وقد اختلف العلماء في المرأة تحتاج للسفر بلا محرم هل يمكنها السفر أم لا؟
فتمسك كثير من العلماء بحرمة سفرها دون محرم أو زوج، بل وذهب الإمام النووي – رحمه الله- إلى عدم تحديد ذلك السفر بمسافة معينة، فكل ما يطلق عليه أنه سفر يحرم على المرأة أن تسافره دون محرم أو زوج.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
[ولم يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أنَّ كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم….لرواية ابن عباس المطْلَقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.]
وهناك من العلماء من استثنى صنوفا من النساء أجاز لهن السفر بلا محرم، وهناك من لم يستثن، فقد استثنى المالكية المرأةَ العجوز التي لا تُشتهى، وكذلك سفر المرأة لحج الفريضة في رفقة مأمونة.
جاء في موطأ الإمام مالك:
قَالَ مَالِكٌ فِى الصَّرُورَةِ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِى لَمْ تَحُجَّ قَطُّ: إِنَّهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا أَنَّهَا لاَ تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِى الْحَجِّ لِتَخْرُجْ فِى جَمَاعَةِ النِّسَاءِ.
والإمام مالك روى في موطئه حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ مِنْهَا ».
والإمام مالك إنما أباح سفر المرأة دون محرم في السفر الواجب على المرأة كالحج دون غيره من السفر المباح والمندوب، وحمل أحاديث نهي المرأة عن السفر دون محرم على السفر المباح أو المندوب، أما السفر الواجب فلا يشترط فيه وجود المحرم.
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل ـ من كتب المالكية :
وحمل مالك - رحمه الله - الحديث المتقدم على السفر المباح والمندوب إليه دون الواجب، بدليل إجماعهم على أن المرأة إذا أسلمت في بلد الحرب لزمها الخروج منها إلى بلد الإسلام، وإن لم يكن معها ذو محرم، خلافا لأهل العراق في قولهم : إنَّ فرض الحج يسقط عنها بعدم المحرم .
وقول مالك أصح ؛ لأنه يخصص من عموم الحديث الهجرة من بلد الحرب بالإجماع وحج الفريضة بالقياس على الإجماع، وقال التلمساني في شرح جامع الجلاب، وأما سفر الحج فإنها تسافر مع جماعة النساء إذا لم يكن لها محرم.
قال الأبهري : لأنها لو أسلمت في دار الحرب لوجب عليها أن تخرج من غير ذي محرم إلى دار الإسلام، وكذا إذا أسرت وأمكنها أن تهرب منهم يلزمها أن تخرج من غير ذي محرم، فكذلك يلزمها أن تؤدي كل فرض عليها إذا لم يكن لها ذو محرم من حج أو غيره. انتهى
قال الحافظ في الفتح:
قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت وزاد غيره أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة. انتهى
وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله سره -جواز سفر المرأة دون محرم عند توافر الأمن جاء في الفتاوى الكبرى :
وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم، قال أبو العباس : وهذا متوجه في سفر كل طاعة. انتهى
وقال ابن مفلح رحمه الله في : "الفروع" من كتب الحنابلة :
" وعند شيخنـا ـ أي : ابن تيمية ـ : تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم . وقال : إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة ، كذا قال ـ رحمه الله ـ " أ.هـ
ومن الأحاديث التي يعتمد عليها من أجاز خروج المرأة دون محرم عند وجود الأمن ما رواه البخاري بسنده من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال:أَذِنَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لأَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا ، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ . أ.هـ
فمن أباح السفر أخذ من هذا الحديث أن الصاحبين الجليلين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما لم يكونا محرمين لأمهات المؤمنين، وقد سافر الصحابيان الجليلان بهنَّ من غير نكير من باقي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا مانع من سفر المرأة مع نسوة ثقات أو وجود الأمن .
قال الحافظ في فتح الباري:
ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق أول أحاديث الباب[1] لاتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك. أ.هـ
ومن منع سفر المرأة بدون محرم قال: إن هذا كان خصوصية لأمهات المؤمنين، وبهذا أجاب أبو حنيفة في المسألة.
قال العيني في عمدة القاري:
جواب أبي حنيفة لحكام الرازي فإنه قال: سألت أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه هل تسافر المرأة بغير محرم؟ فقال: لا. نهى رسول الله أن تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها.
قال حكام: فسألت العرزمي، فقال: لا بأس بذلك حدثني عطاء أن عائشة كانت تسافر بلا محرم فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته بذلك، فقال أبو حنيفة: لم يدر العرزمي ما روى، كان الناس لعائشة محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم، وليس الناس لغيرها من النساء كذلك.
ولقد أحسن أبو حنيفة في جوابه هذا؛ لأن أزواج النبي كلهن أمهات المؤمنين وهم محارم لهن؛ لأن المحرم من لا يجوز له نكاحها على التأييد، فكذلك أمهات المؤمنين حرام على غير النبي إلى يوم القيامة. أ.هـ
ومحرم المرأة المؤبد يجوز له أن يرى من المرأة ما يظهر عند المهنة غالبا كاليدين والساقين، وهذا لا يجوز في حق أمهات المؤمنين، فهن أمهات في جانب، وأجنبيات في وجه آخر، فمحرمية النكاح على التأبيد في حقِّ أمهات المؤمنين تخالفها في غيرها من نساء الأمة، وتحريم نكاح أمهات المؤمنين مأخوذ من قول الحق سبحانه وتعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" [الأحزاب/6]
فأمهات المؤمنين ورد تشبيههن بالأم الحقيقية في أوجه دون أوجه أخرى.
قال الألوسي البغدادي: منزلات منزلة أمهاتهم في تحريم النكاح واستحقاق التعظيم وأما فيما عدا ذلك من النظر إليهن والخلوة بهن وإرثهن ونحو ذلك فهن كالأجنبيات. أ.هـ
ومن الفقهاء المعاصرين الذين ذهبوا إلى جواز سفر المرأة دون محرم عند وجود الأمن الشيخ ابن جرين ـ رحمه الله ـ حيث قال في الفتوى رقم (7286):
فالذي أراه جواز سفر المرأة في الطائرة، لمدة نصف يوم أو ثلثيه، بحيث يوصلها المحرم الأول إلى المطار، ويتصل بالمحرم الثاني ليستقبلها في البلد الثاني، ولا خلوة في الطائرة، والمرأة كسائر الراكبات، وليس هناك مجال للخوف عليها، والاحتمالات التي تقدر نادرة الوجود، والأصل السلامة، وهذا يعم السفر للحج وغيره، وهذا ما ترجح عندي رفقًا بالمسلمين. أ.هـ
ومن الذين أجازوا سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات فضيلة الشيخ القرضاوي ومما قاله بعدما أورد أدلة الجواز:
ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولا: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
ثانيا: إنَّ ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم. بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل .
وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة؛ لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تسافر مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان. [2]أ.هـ
الخلاصة:
الأصل في المسألة هو منع المرأة من السفر دون محرم، وهذا رأي الجمهور، فإذا كانت المرأة ليست تحت ضرورة ملجئة فعليها إن أرادت السفر أن تكون مع محرم لها أو مع زوج عملا بقول جمهورالعلماء.
أما إن كانت المرأة تحت ضرورة ملجئة، أو تحتاج لهذا السفر لنفع نفسها وبيتها وأسرتها ووطنها، ولا تستطيع أن تتخلى عنه، فيسعها قول من أجاز لها السفر دون محرم بشرط وجود الرفقة المأمونة، ووجود الأمن وانتفاء الريب، وألا تتعرض المرأة للإيذاء والابتذال، وإلا حرم سفرها.
والله أعلم.
ومن الفقهاء المعاصرين الذين ذهبوا إلى جواز سفر المرأة دون محرم عند وجود الأمن الشيخ ابن جرين ـ رحمه الله ـ حيث قال في الفتوى رقم (7286):
فالذي أراه جواز سفر المرأة في الطائرة، لمدة نصف يوم أو ثلثيه، بحيث يوصلها المحرم الأول إلى المطار، ويتصل بالمحرم الثاني ليستقبلها في البلد الثاني، ولا خلوة في الطائرة، والمرأة كسائر الراكبات، وليس هناك مجال للخوف عليها، والاحتمالات التي تقدر نادرة الوجود، والأصل السلامة، وهذا يعم السفر للحج وغيره، وهذا ما ترجح عندي رفقًا بالمسلمين. أ.هـ
ومن الذين أجازوا سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات فضيلة الشيخ القرضاوي ومما قاله بعدما أورد أدلة الجواز:
ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولا: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
ثانيا: إنَّ ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم. بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل .
وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة؛ لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تسافر مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان. [2]أ.هـ
الخلاصة:
الأصل في المسألة هو منع المرأة من السفر دون محرم، وهذا رأي الجمهور، فإذا كانت المرأة ليست تحت ضرورة ملجئة فعليها إن أرادت السفر أن تكون مع محرم لها أو مع زوج عملا بقول جمهورالعلماء.
أما إن كانت المرأة تحت ضرورة ملجئة، أو تحتاج لهذا السفر لنفع نفسها وبيتها وأسرتها ووطنها، ولا تستطيع أن تتخلى عنه، فيسعها قول من أجاز لها السفر دون محرم بشرط وجود الرفقة المأمونة، ووجود الأمن وانتفاء الريب، وألا تتعرض المرأة للإيذاء والابتذال، وإلا حرم سفرها.
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق