السبت، 9 أكتوبر 2010

إفراد السبت بالصيام في شوال


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اختلف العلماء في إفراد صوم السبت تطوعا، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ورواية عن أحمد جواز إفراد صوم السبت بصيام التطوع. وعلى هذا فلا حرج على من صام السبت باعتباره من أيام شوال التي وردها في حقها الفضل والأجر. وتفصيل المسألة فيما يأتي:جاء الحثُّ على صيام ستة أيام من شوال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم بسنده المتصل عنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ».
وجمهور العلماء على استحباب صوم هذه الأيام المباركة حتى يتم الأجر ويحصل الفضل.وصوم السبت مع غيره من الأيام كالجمعة قبله أو الأحد بعده جائز بلا كراهة؛ لأنه لم يرد نص بالمنع، أمَّا إفراد السبت بصيام التطوع فإنَّ العلماء اختلفوا في هذه المسألة، ومستند الخلاف الحديث الذي رواه أصحاب السنن وأحمد عن عبدِ الله بن بُسْر المازني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَصُومُوا يَوْم السَّبْت إلا فيما افتُرِضَ عليكم»والكلام في هذا الحديث ينصب على سنده ومتنه، أما سنده فمحل خلاف بين العلماء، فالإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة كذَّب هذا الحديث، ومن العلماء من ضعفه، ومنهم من قال بنسخه، ومنهم من حسَّن إسناده.

قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد:

فقال مالك رحمه الله هذا كذب يريد حديث عبد الله بن بسر ذكره عنه أبو داود، قال الترمذي: هو حديث حسن، وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ، وقال النسائي: هو حديث مضطرب، وقال جماعة من أهل العلم: لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة؛ فإن النهي عن صومه إنما هو إفراده، وعلى ذلك ترجم أبو داود، فقال: باب النهي أن يخص يوم السبت بالصوم وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد، قالوا: ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده. اهـأما عن متنه، فإن الحديث قد صدِّر بأداة نهي والعلماء على أن النهي هنا ليس للتحريم وإنما نهي للتنزيه،
قال الإمام الطيبي في الكاشف عن حقائق السنن: واتفق الجمهور على أن هذا النهي والنهي عن إفراد الجمعة نهي تنزيه وكراهة لا تحريم. ا.هـ

وقد قسَّم الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين " أحوال صيام يوم السبت، وبين حكم كل حالة ـ قال رحمه الله:وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:الحال الأولى: أن يكون في فرضٍ، كرمضان أَدَاءً، أو قضاءً، وكصيام الكَفَّارَةِ، وبدل هدي التَّمَتُّع، ونحو ذلك؛ فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك مُعتَقِدًا أن له مزية.الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة؛ فلا بأس به.الحال الثالثة: أن يُصَادِف صيام أيام مشروعة؛ كأيام البيض، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شَوَّال - لمن صام رمضان - وتسع ذي الحجة؛ فلا بأس؛ لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنًّه من الأيام التي يُشْرَع صومها.الحال الرابعة: أن يُصادِف عادةً، كعادة من يصوم يومًا وَيُفْطِر يَوْمًا فَيُصَادِف يوم صومِهِ يوم السبت؛ فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: «إلا رجلاً كان يصوم صوما فليصمه»، وهذا مثله.الحال الخامسة: أن يَخُصَّهُ بصوم تَطَوُّع؛ فيفرده بالصوم؛ فهذا محل النَّهي إن صَحَّ الحديثُ في النهي عَنْهُ ". انتهى.
أما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله سره ـ فقد رجَّح عدم كراهة إفراد السبت بالصوم تطوعا، قال في الفتاوى الكبرى:ولا يكره إفراد يوم السبت بالصوم ولا يجوز تخصيص صوم أعياد المشركين ولا صوم يوم الجمعة ولا قيام ليلتها.ا.هـوهذا الرأي أيضا رواية عن أحمد ومستند العلماء حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم ) رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما.قال الأمير الصنعاني في سبل السلام:وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت، ويوم الأحد، وكان يقول : إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم } أخرجه النسائي، وصححه ابن خزيمة، وهذا لفظه .

وعن أم سلمة رضي الله عنها { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد وكان يقول : إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم } أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وهذا لفظه فالنهي عن صومه كان أول الأمر حيث كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب ثم كان آخر أمره صلى الله عليه وسلم مخالفتهم كما صرح به الحديث نفسه، وقيل : بل النهي كان عن إفراده بالصوم إلا إذا صام ما قبله أو ما بعده .وأخرج الترمذي من حديث عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس } وحديث الكتاب دال على استحباب صوم السبت والأحد مخالفة ؛ لأهل الكتاب وظاهره صوم كل على الانفراد والاجتماع. اهـ


الخلاصة:

الذي نرجحه في هذه المسألة هو جواز إفراد صوم السبت في شهر شوال؛ لأنَّ صيام السبت وافق صيام أيام مشروعة لأنَّ القصد حينئذ هو صيام أيام شوال لا صيام يوم السبت إن صَحَّ الحديثُ في النهي عَنْهُ كما قال ابن عثيمين رحمه الله.
والله أعلم.






ليست هناك تعليقات: