
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. الحقوق نوعان أيها السائل الكريم حقوق الحق فيها ظاهر لا يعتريه أدنى شبهة، وحقوق فيها نزاع بين الطرفين كل يدعي أنه صاحب الحق. والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يجوز للإنسان أن يأخذ حقوقه الظاهرة التي منعها غيره منه، ومعنى الحقوق الظاهرة.... تلك الحقوق التي لا تحتاج إلى إثبات مثل نفقة الزوجة على زوجها ومن الحقوق التي فيها نزاع عد شيخ الإسلام القرض الذي جحده المقترض ورفض سداده وهو قادر عليه،والعلماء في المسألة الأخيرة لهما رأيان هناك من أجاز وهناك من منع، وذكر كل هذه الأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية قائلا: جاء في فتاوى ابن تيمية :
وأما إذا كان لرجل عند غيره حق من عين أو دين . فهل يأخذه أو نظيره بغير إذنه ؟ فهذا نوعان : أحدهما : أن يكون سبب الاستحقاق ظاهرا لا يحتاج إلى إثبات مثل استحقاق المرأة النفقة على زوجها واستحقاق الولد أن ينفق عليه والده واستحقاق الضيف الضيافة على من نزل به فهنا له أن يأخذ بدون إذن من عليه الحق بلا ريب؛ كما ثبت في الصحيحين { أن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت : يا رسول الله : إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وبني . فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } فأذن لها أن تأخذ نفقتها بالمعروف بدون إذن وليه . وهكذا من علم أنه غصب منه ماله غصبا ظاهرا يعرفه الناس فأخذ المغصوب، أو نظيره من مال الغاصب . وكذلك لو كان له دين عند الحاكم وهو يمطله فأخذ من ماله بقدره ونحو ذلك .
والثاني : ألا يكون سبب الاستحقاق ظاهرا : مثل أن يكون قد جحد دينه، أو جحد الغصب ولا بينة للمدعي . فهذا فيه قولان :
أحدهما : ليس له أن يأخذ وهو مذهب مالك وأحمد .
والثاني : له أن يأخذ وهو مذهب الشافعي . وأما أبو حنيفة- رحمه الله - تعالى فيسوغ الأخذ من جنس الحق ؛ لأنه استيفاء، ولا يسوغ الأخذ من غير الجنس لأنه معاوضة فلا يجوز إلا برضا الغريم . أهـ
والذي نذهب إليه في هذه المسألة أنه في مسألة الحقوق المتنازع عليه نرجح ما ذهب إليه الإمام مالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما وما ذهب إليه أبو حنيفة لأنه سيفضي إلى كثير من المشاحنات وسوف يعقد الأمور بدلا من أن يوجد لها حلا، والحقوق المتنازع عليه تحل إما عن الطريق التراضي أو عن طريق التقاضي لا غير ذلك، أما الحقوق الظاهرة فيجوز للمسلم استعمال الحيلة في ردها له بل أجاز الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد استعمال الكذب لإرجاع الحق لصاحبه قال رحمه الله في زاد المعاد:
قال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه.
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق