الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

صلة أرحام الزوجة


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فبالعقد الشرعي على البنت تحرم الأم للقاعدة التي تقول العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول على الأمهات يحرم البناء، ومن محاسن هذه الشريعة أن هذه المحرمية التي نشئت بعقد الزواج بين الرجل ووالدة زوجته هي حرمة تأبيدية لا تزول حتى لو زال النكاح بفرقة الطلاق أو فرقة الموت، وهذا الأمر يؤكد من الترابط الأسري ودوام المودة بين الرجل وجدة أولاده حتى لو لم يكن زواجا، وفي هذا فتح لباب الإحسان لها وبرها أعني أم الزوجة والإسلام دين يدعو إلى الإحسان إلى الناس عامة وإلى أهل القبلة خاصة ويزداد الإحسان مع جيران الرجل وأقاربه وأصهاره، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى." رواه مسلم وغيره.

وقال صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض، يرحمكم من في السماء." رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها." رواه البخاري ।
أخوات الزوجة:
أما أخوات الزوجة فالحرمة المعقودة بينكم هي حرمة مؤقتة أقصد حرمة النكاح وهذه الحرمة المؤقتة أو عدمها لا يبيح للرجل أن يطلع على أي شيء من أخوات زوجته فهو أجنبي عنهم وهن أجنبيات عنه، فالخلوة محرمة ورفع الحجاب محرم، ولكن كل هذا لا يمنع من الإحسان إليهن وإكرامهن في حدود ما يسمح به الشرع .

وقد روت لنا كتب السنن كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم هالة أخت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها فقد روى الإمام أحمد بن حنبل عن أم المؤمنين عائشة قالت : استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرف استئذان خديجة وتذكره ، فارتاع لذلك । فقال : اللهم هالة بنت خويلد . فغرت . فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش . حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها" تريد نفسها لصغر سنها ، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم . حتى قالت له : لا أذكرها بعد هذا إلا بخير. نأخذ منها إكرام أهل الزوجة سواء أكن أمهات أو أخوات ولكن الضابط هو ما يسمح به الشرع من عدم خلوة ورفع حجاب وخضوع في الصوت إلخ
والله أعلم


د/ محمد سعدي


الحيلة في إرجاع الحق من صاحب العمل الظالم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. الحقوق نوعان أيها السائل الكريم حقوق الحق فيها ظاهر لا يعتريه أدنى شبهة، وحقوق فيها نزاع بين الطرفين كل يدعي أنه صاحب الحق. والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يجوز للإنسان أن يأخذ حقوقه الظاهرة التي منعها غيره منه، ومعنى الحقوق الظاهرة.... تلك الحقوق التي لا تحتاج إلى إثبات مثل نفقة الزوجة على زوجها ومن الحقوق التي فيها نزاع عد شيخ الإسلام القرض الذي جحده المقترض ورفض سداده وهو قادر عليه،والعلماء في المسألة الأخيرة لهما رأيان هناك من أجاز وهناك من منع، وذكر كل هذه الأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية قائلا: جاء في فتاوى ابن تيمية :
وأما إذا كان لرجل عند غيره حق من عين أو دين . فهل يأخذه أو نظيره بغير إذنه ؟ فهذا نوعان : أحدهما : أن يكون سبب الاستحقاق ظاهرا لا يحتاج إلى إثبات مثل استحقاق المرأة النفقة على زوجها واستحقاق الولد أن ينفق عليه والده واستحقاق الضيف الضيافة على من نزل به فهنا له أن يأخذ بدون إذن من عليه الحق بلا ريب؛ كما ثبت في الصحيحين { أن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت : يا رسول الله : إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وبني . فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } فأذن لها أن تأخذ نفقتها بالمعروف بدون إذن وليه . وهكذا من علم أنه غصب منه ماله غصبا ظاهرا يعرفه الناس فأخذ المغصوب، أو نظيره من مال الغاصب . وكذلك لو كان له دين عند الحاكم وهو يمطله فأخذ من ماله بقدره ونحو ذلك .

والثاني : ألا يكون سبب الاستحقاق ظاهرا : مثل أن يكون قد جحد دينه، أو جحد الغصب ولا بينة للمدعي . فهذا فيه قولان :
أحدهما : ليس له أن يأخذ وهو مذهب مالك وأحمد .
والثاني : له أن يأخذ وهو مذهب الشافعي . وأما أبو حنيفة- رحمه الله - تعالى فيسوغ الأخذ من جنس الحق ؛ لأنه استيفاء، ولا يسوغ الأخذ من غير الجنس لأنه معاوضة فلا يجوز إلا برضا الغريم . أهـ
والذي نذهب إليه في هذه المسألة أنه في مسألة الحقوق المتنازع عليه نرجح ما ذهب إليه الإمام مالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما وما ذهب إليه أبو حنيفة لأنه سيفضي إلى كثير من المشاحنات وسوف يعقد الأمور بدلا من أن يوجد لها حلا، والحقوق المتنازع عليه تحل إما عن الطريق التراضي أو عن طريق التقاضي لا غير ذلك، أما الحقوق الظاهرة فيجوز للمسلم استعمال الحيلة في ردها له بل أجاز الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد استعمال الكذب لإرجاع الحق لصاحبه قال رحمه الله في زاد المعاد:
قال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه.
والله أعلم.